حسن البطل
لي اصبع (طويلة؟) في صفحة آراء، وليس لي قلامة ظفر في الصفحة الأولى. لذا ماذا لو اقترحت على رئيس التحرير ان يختصر خبر اللقاءات المقدسية الدورية بين رئيسنا ورئيس حكومتهم من خصر (الست هانم) ذي الأعمدة الأربعة إلى خصر نعومي كامبل الأهيف؟
بالطبع، سيضرب الاستاذ أكرم صفحاً عن اقتراحي المهني السخيف. لماذا؟ له أنف سياسي حساس، وله الذراع اليمنى ونصف اليسرى في تحرير الصفحة الأولى من "الأيام".
من يملك أنفاً سياسياً حساساً استشعر من "مانشيتات" وأخبار الصفحة الاولى في الصحف الفلسطينية اليومية الثلاث رائحة بهار سياسي، يذكرني برائحة سوق عتيقة في صنعاء، أو سوق البزورية بدمشق.
هل ثمة رائحة طبخة سياسية زاكية، أم مجرد طبخة بحصى، ام أن الطبخة توشك أن "تشوشط"، بدلالة تصريحات الأخ عبد ربه، وتململات السيد سلام فياض، وتحذيرات الرئيس عباس؟
عبد ربه ليس قليلاً، لا لأنه يشغل مهمة أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، وهو أحد العقول السياسية الفلسطينية، بل لأن ظلال مشروعي جنيف (عبد ربه - يوسي بيلين) ومشروع الاستفتاء الشعبي (سري نسيبه - عامي أيالون) كانا بمثابة الفزاعة السياسية التي دفعت صاحب الغيبوبة الأبدية، أريئيل شارون، الى الانسحاب أحادي الجانب من غزة!
السيد فياض، أول رئيس وزراء فلسطيني حقيقي ومهني، أشبه بالسيد (ديجيتال)، القادم من إدارة الأرقام المالية الى سلطة الخطاب والمطالب الفلسطينية، أميركا وأوروبا ومعظم العرب وأقلية فلسطينية مرتاحون لسلطة الثنائي عباس - فياض، مع أن الرئيس ليس مرتاحاً لسير المفاوضات، ورئيس حكومته صار يتذمر علناً من قلة جدواها.
لماذا نشم رائحة بهار ولا يبدو أننا سنتناول طبخة تسد الرمق؟ لأسباب منها أن كتاب الأعمدة في الصحف الفلسطينية كانوا، يوم الاربعاء، على موعدين متتاليين مع رئيس الوزراء ظهراً، ورئيس السلطة مساء، بينما فجّر السيد عبد ربه قنبلة إعلامية بدعوته الى تسليح مسار المفاوضات بعصا التهديد بإعلان استقلال فلسطين من طرف واحد..إذا قادنا المفاوضون الاسرائيليون الى متاهة لا توصلنا الى اتفاق في نهاية العام الجاري.
عملياً، لدينا ما يشبه، رباعية تفاوضية فلسطينية بأربعة ألسنة أركانها هم: رئيس السلطة، رئيس الوزراء، رئيس الطاقم المفاوض أحمد قريع وأيضا أمين سر اللجنة التنفيذية الأخ عبد ربه.
وزع علينا السيد الرئيس ورقة مقواة وملونة عن المبادرة العربية للسلام، التي زكتها منظمة المؤتمر الاسلامي (المجموع 57 دولة)، وكرر على مسامعنا سلسلة الشرعيات المترابطة: الفلسطينية - العربية - الدولية. هذه السلسلة إنجازات غير هيّنة حقاً، لأن قبولنا القرار 242 والقرار 338 قادنا لأوسلو، التي قادتنا لخارطة الطريق، التي قادتنا إلى أنابوليس وباريس.. وبعدين؟
أنا سألت الرئيس: لماذا لا تقترح على قمة دمشق - إن انعقدت - تسليح مبادرة سلام قمة بيروت بعصا التهديد بطرح الدول الـ 57 على الأمم المتحدة إعادة النظر بقرار قبول اعتماد أوراق عضوية اسرائيل، وهي العضوية الوحيدة المشروطة؟
الرئيس كرر ما قاله في لقاءات سابقة، وكرر المثل الشعبي القائل (القوي عايب).. هذا علماً أن سعود الفيصل نفسه تذمر علانية من احتقار اسرائيل لصرف شيك للاعتراف العربي والاسلامي بها. اذا انسحبت وإذا اقامت دولة فلسطينية.. وإذا؟!
السيد فياض تململ في زيارته الأميركية الأخيرة أمام كبار الاميركيين، لأن الزمن ينفد والمفاوضات تدور حول نفسها، ونار "أنابوليس" تخبو وخزانة باريس في سباق مع الحواجز والعراقيل والاختراقات الأمنية الاسرائيلية.
حتى البرلمان الاوروبي تململ من اسرائيل، وكذا بعض أطراف "الرباعية" الدولية، بينما ناس فلسطين الصابرون يتابعون بشيء من الملل تقاذف طابة الاتهامات المتبادلة بين سلطة غزة المتمردة وسلطة رام الله المتشبثة بأستار الشرعيات الفلسطينية والعربية والدولية، في غزة يقولون لرام الله مفاوضاتكم عبثية، وفي رام الله يقولون لغزة صواريخكم عبثية.
الرئيس يقول: "حماس" تتاجر بالحصار، وصحافيون حاضرون يقولون: أن تتاجر اسرائيل بالمحرقة.. أم أن (القوي عايب) والتجارة شطارة؟
سؤال: هل يتغير حجم خبر "مانشيت" اللقاء المقبل بين عباس وأولمرت؟ يكبر أو يصغر حسب نتائج جولة زيارة تفقدية أخرى للست رايس؟
حســن البطــل