بقلـم: يوئيل ماركوس
ليس صدفة ان البرنامج التلفزيوني "بقاء" يحظى باعلى نسبة مشاهدة بالـمقارنة بالبرامج الاخرى. الـمشاركون في هذا البرنامج ينتقون بطريقة "نجم يولد" مع فارق واحد: بدلا من اجادة الغناء، يطالبون بالبرهنة عن قدرتهم الجسدية والنفسية حتى يتمكنوا من البقاء فوق جزيرة معزولة نائية. عليهم ان يأكلوا الحشرات والصراصير وان يتحملوا مهمات نفسية وجسدية الى أن ينكسر منافسوهم واحدا بعد الاخر ويعلن عن الـمتبقي الاخير كمنتصر في الـمنافسة. مثل منافسة روما القديمة ولكن بصورة حديثة.
في لعبة البقاء السياسي يظهر ايهود اولـمرت كأحد كبار القادرين على البقاء. ليس فقط لان شعرة لـم تسقط من رأسه في كل الشبهات والتهم الـموجهة اليه. هو ايضا استطاع الخلاص بسهولة من تقرير لجنة فينوغراد. ليس واضحا تماما حتى الان كيف ابتلعت الـمسؤولية الشخصية الجسيمة التي القتها اللجنة عليه في تقريرها الاول في مصفوفة الكلـمات الـمكرسة لاخفاقات قادة الجيش الاسرائيلي في التقرير النهائي. في الوقت نفسه يتعذب فيه الفريق دان حلوتس من جراء تلك الحرب الفاشلة عبر اعتراف تشاؤمي متكدر في مقابلة صحافية مع سيما كدمون في "يديعوت احرونوت"، يعلو اولـمرت مزدهرا في صورة القائد الذي سيجلب السلام.
كيف يتم تسويقه كقائد مثالي ونموذجي؟ انكليزيته فصيحة ولديه مظهر جيد وهو معروف في العالـم ويفهم في شؤون الاقتصاد ومتزوج من امرأة يحترم الجمهور تواضعها. هو يسافر الى الـمانيا من قبل ان يصل القنصل الالـماني لاسرائيل. خلال زيارته القريبة لليابان سيصطحب معه رجال اعمال كأنهم لا يعقدون الصفقات مع الشرق الاقصى والادنى من دونه. هو يثير اعجاب الاسرائيليين الاصليين من علاقاته الشخصية مع الرئيس جورج بوش: "لقد تأكدنا من الاطول بيننا وقفنا بجانب بعضنا البعض فتبين انني افوقه بسنتمتر واحد". عما قريب سيستضيف اولـمرت قادة العالـم في الاحتفال بالذكرى الستين لقيام دولة اسرائيل. الابتسامة عادت الى وجهه فعلا.
قبل مدة غير بعيدة نشر نبأ مفاده ان مكتب رؤوبين ادلر سيكون مسؤولا عن الدعاية عن كاديما في الانتخابات الـمحلية الـمتوقعة في شهر تشرين الثاني. بعد عدة ايام الغي الامر. الاعتقاد هو أن لاولـمرت مصلحة في تأجيل هذه الانتخابات وايضا تأجيل انتخابات الكنيست قدر الامكان.
امران قد يحدثان حتى ذلك الحين: الجمهور سينسى لبنان أما اولـمرت فسيظهر الـمزيد من جوانب شخصيته ويركز على اجندة واحدة: مثلا تعزيز الـمفاوضات الوهمية حول الاتفاق الوهمي مع الشركاء الوهميين في السلطة الفلسطينية قدر الـمستطاع والتوجه للانتخابات حول قضية السلام التي قد تتلاشى او لا تتلاشى بعد بوش.
السؤال هو ان كان الائتلاف الحالي سيصمد حتى النهاية ان لـم يقطع الجمهور والجهاز السياسي رأس اولـمرت حتى الان فلـماذا سيفعلون ذلك الان؟ الرد على ذلك بسيط: اغلبية الجمهور باستثناء الليكود الذي لا يستطيع الوصول الى أي مكان مع مقاعده الاثني عشر - وأغلبية السياسيين لا يتحمسون لتقديم موعد الانتخابات.
من شبه الـمؤكد ان يختفي الـمتقاعدون بنفس السرعة التي ظهروا فيها - كما حدث سابقا مع احزاب مشابهة مثل داش وشينوي - وبالـمناسبة هل رأى احد ما افيغدور ليبرمان منذ ان استقال من الحكومة؟
شاس تهدد بالخروج في هذا الـموعد او ذاك. ولكن لا يتوجب اخذ ايلي يشاي كنائب لرئيس الوزراء وكوزير للصناعة على محمل الجد. لـماذا يخرج من الحكومة ويخاطر بعودة اريه درعي لرئاسة شاس؟ الثلاثة عشر عضو كنيست من كاديما الذين يعرفون بالتأكيد انهم لن يكونوا في مناصبهم في الكنيست القادمة لن يسارعوا بالتأكيد لرفع اياديهم لاسقاط الحكومة. وبالنسبة لتسيبي لفني التي شرعت بالحركة الانقلابية ضد اولـمرت لربع ساعة ومن ثم تراجعت عندما صرخ في وجهها "لتستقيلي انت" قد فقدت هي الاخرى بالتأكيد اللحظة السانحة لاسقاط الحكومة الحالية.
اما ايهود باراك صاحب شعار الخروج من الحكومة في سدوت يام فنادم على ذلك. اغلبية الجمهور لن تهضم بعد وعده بانه قد "تغير وقد استخلص العبر من اخطائه". صعوده نحو القمة ابطأ مما اعتقد وهو بالتأكيد لا يريد وضعا لا يكون فيه رئيس وزراء ولا وزيرا للدفاع. باراك واولـمرت يطوران علاقاتهما بنفس الطريقة التي تتزاوج فيها الحلزونات - بحذر.
الدولة التي جرت فيها حملات انتخابية قليلة في موعدها لـم تشهد الى قادة قلائل مع بصمات تاريخية. دافيد بن غوريون ترك لنا اقامة الدولة. بيريس ورابين - اوسلو وبيغن - السلام مع مصر وشارون - فك الارتباط. فبماذا ستذكر اولـمرت؟ بالقدرة على البقاء.
عن "هآرتس"