حسن البطل
الملك بتريوس والغزي المقهور
سأجعل من رقعة لعبة الضاما/ الدّاما، لا رقعة الشطرنج، خارطة عمليات، تفسّر لكم، لهم، لي ولك.. كيف ولماذا انتصرنا في جولة "الشتاء الساخن".
أعرف أن انتصارات تكتيكية قد تفضي إلى هزيمة استراتيجية، وأن هزائم تكتيكية قد تثمر انتصاراً استراتيجياً.. هذا في الفكر العسكري السياسي الاستراتيجي.. لا في الفزعة من الموت وإلى الموت.
لكن، الكف والمخرز، الدم والسيف، البطولة والمأساة يمكن أن توضع كأحجار على مربع لعبة الداما الحربية الفلسطينية، لا رقعة الشطرنج العسكرية الإسرائيلية..
انتصرنا؟ حقاً.. لماذا لا؟ ألم يتوصل مواطن مقهور، مجهول الاسم، في مخيم جباليا إلى الحكمة ذاتها التي توصّل إليها الملك بتريوس؟
يقول التاريخ، الممزوج بالأساطير، إنّ الملك بتريوس تولى العرش في مملكة يونانية قديمة، وله من العمر 12 سنة، ولمّا اشتد ساعده قليلاً نافس روما، وتغلّب عليها في إحدى المعارك، متكبداً خسائر فادحة.. فقال: (نصر آخر كهذا ونضيع). باستطاعتكم العودة للتاريخ لتعرفوا كيف كانت نهايته ونهاية مملكته، وهو دون الأربعين عاماً.
بالأمس، قال الغزي المقهور: (بعد انتصارين آخرين بالتمام والكمال.. لن يكون هناك مَن يحتفل بالنصر)، نقلاً عن موقع (أمد) الفلسطيني، أمس.
2- سوط المواطنة مهى
في غياب مادة كافية لملء عمود (من القارئ) سأقتسم رغيف الخبر المرّ والمدمّى (عفواً: انتصار "حماس") مع المواطنة مهى أبو عيسى:
عزيزي حسن: مقالتك (الاثنين 3 آذار) فيها من شياكة الصياغة وانتقاء المفردات أكثر مما يحتمل الوضع. بالرغم من أنك تستشرف خطورة المستقبل بالحس المهني المعهود لديك، إلاّ أن مقالتك استهدفت القارئ الذي لا يحتاج أن يقرأ. وأغفلت القارئ المطلوب بأن لا يسمح باستمرار استخدامه وقوداً لحروب الآخرين. (حسب تعبيرك).
إسرائيل تستطيع أن تحول المزاج العام، وتقلل حظوظ انجاز أية إيجابيات في برنامج الحكومة، وتحرج قيادة المنظمة لاتخاذ قرار بتعليق المفاوضات. وبعد استشهاد أكثر من 100 معظمهم من الأطفال، وجرح ما لا يقل عن 300 تنسحب من القطاع، لتعلن "حماس" انتصارها في غزة، وتخرج الجبهة الديمقراطية ببيان تعلن فشل أهداف مخطط العدو في غزة، وأهم الأهداف المستهدفة، حسب بيان الجبهة الديمقراطية، هو تلاحم الجماهير مع قياداتها.
عتبي عليك مصدره أن المخزون الهائل المتوفر من وقود الحرب في الساحة الفلسطينية ليس مقدراً له أن يبقى على ما هو، كيف يتعلم المواطن أن يقف احتجاجاً على نبرة الزهو بالانتصار، بالرغم من كل ما حلّ به من خسائر، وما حلّ بالمشروع الوطني من مخاطر؟ كيف يتعلم أن أساس التصاقه بقيادته يجب أن يكون محكوماً ضمناً بقدرة تلك القيادات على التمسك بمبدأ عدم إهدار حياتهم دون ثمن، وأن إقدام هذا الشعب على التضحية لم يكن عبر التاريخ بتحفيز من هذه القيادات وغيرها عبر التاريخ أو في الأيام المقبلة.
لست ساذجاً لأتصور أن مقالة واحدة ستغير وعي الناس، لكن في مناسبة الحدث يجب أن توضع النقاط على الحروف دون مواربة، حتى لو زعل (مَن يزعل؟). لك الشكر.
مهى أبو عيسى
3- (حركة اللجان الثورية)!
صار هناك ناطق رسمي لفصيل جديد نبت في قلقيلية تحت مسمى (حركة اللجان الثورية الفلسطينية)، وأصدر بياناً انترنتياً يعزو ما حصل في غزة إلى: ( عدم وجود استراتيجية محددة الأهداف، وواضحة المعالم والأساليب والآليات)؟!
كنت، من زمان، قد رأيت أنّ الفلسطينيين أضعف من أن يمتلكوا زمام وضع استراتيجيات، وما يستطيعونه هو تعطيل الاستراتيجيات المضادة لهم. للأسف، بدلاً من وضع إسرائيل بين متوالية تفاوض بارد ومواجهة ساخنة، تمكنت هي من ذلك.. إنها تقمع حيث يجب أن تفاوض، وتحارب حيث يجب أن تسالم.
مع تبسيط فج: كان على غزة أن تبني نفسها بعد انسحاب إسرائيل، وعلى الضفة أن تقاوم على غرار بلعين. مع ذلك، لا بأس أن يدرك الغزي المقهور حكمة الملك بتريوس، وأن تملك المواطنة مهى وعياً سياسياً نقدياً.
حقاً، يمكن أن ننتصر. إن قادنا الألم الى الوعي، وهذا الى الحكمة.. ولكن السفينة الفلسطينية بمجدافين يجدفان في اتجاهين متعاكسين!